منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي

موقع خاص يوثق الحركة الثقافية الفكرية الأدبية والإبداعية لمحرر المنتدى ، و تفاعله مع الزائرين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سيــــــــــرة غياث الدين سلطان الهند

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 30/12/2016

سيــــــــــرة غياث الدين سلطان الهند Empty
مُساهمةموضوع: سيــــــــــرة غياث الدين سلطان الهند   سيــــــــــرة غياث الدين سلطان الهند Emptyالسبت ديسمبر 31, 2016 1:06 pm

من قصص التراث العربي والإسلامي للأطفال
farao



إعــــــــــــــــــــداد الكاتب سليمان حشّــــــــاني


كان أحد الفقراء بمدينة بخارى يتجول في سوق من أسواقها ، فرأى شابا دميم الخلقة ، قصيرا ، حقيرا ، وأراد أن يكلمه ، فناداه قائلا :
ـــ أيها الشاب الحقير ...
فرد ذلك الشاب :
ـــ لبيك يا سيدي ..

رسم فني لسوق قديم


فأعجب الشيخ الفقير بجواب الشاب ، ودهش لكون هذا الكلام الرزين ، يخرج من شاب حقير ودميم .
فسأله الشيخ عن اسمه ، فقال الشاب :
ـــ اسمي غياث الدين .
فنظر الشيخ الفقير نظرة تفحص إلى غياث الدين ثم قال له :
ـــ يا هذا ، اشتر لي من ذلك الرمان ، وأشار إلى رمان يباع في السوق .

رسم فني يوضح حركة السوق
فقال له غياث الدين :
ـــ نعم .
غير أن غياثا لم تكن له سوى دريهمات قليلة ، فأخرج كل ما يملكه ، واشترى من ذلك الرمان ، وأعطاه للشيخ الفقير .
فلما أخذه الفقير ، قال لغياث الدين :
ـــ وهبنا لك ملك الهند ، ثم ابتعد بحبات الرمان ، يسير برجلين تلفهما الخرق البالية ، وهو يتمتم ، ويرمي بقشر الرمان أرضا .

اندهش الشاب لهذا الموقف العجيب ، واستمر يرسل نظره صوب ذلك الشيخ الفقير ، واستقرت تلك الكلمات تدغدغ سمعه ، ويتردد صداها في نفسه ، ولم يزحزح بصره عن الشيخ مبتعدا حتى توارى عن الأنظار ، ثم قال في نفسه :
ــــ قبلت ، ورضيت بها ملكا .. وهو يبتسم لهذا الموقف الذي مر به ، نعم كيف لا وقد أعطاه الشيخ ما لا يملكه ، وهو لا يملك حتى ثمن حبات من رمان ..ويستجدي ثمنها من شاب مثلي .
وكيف لا يتعجب هذا الشاب ، وهو لا يستحق هذا الجزاء ..فكيف لشاب حقير دميم الخلقة ، يتجول في سوق من أسواق بخارى أن يصير حاكما للهند بمدينة دهلي .
أصبح الشاب غياث الدين لا تعرف عيناه طعم النوم الهادئ منذ تلك الحادثة التي ألمت به ، فلقد كان يتمثلها تمثلا وهو في فراش نومه ، يتصور نفسه على عرش الهند ، يأمر وينهى ، ويصدر القرارات تلو الأخرى ، وتاج الملك يحسه ثقيلا ، فلا يكاد يثبت على رأسه فيسقط منه على الأرض ، ويصدر دويا هائلا ، لينتفض غياث الدين من نومه هلعا ،ليكتشف أنه أوقع جرة الماء فانكسرت ، فيبتسم ، ويستمتع بهذا الحلم الجميل ، ولم لا يحلم إذن ، إذا كان يستطيع تحقيق أي شيء في الأحلام ، بل يصدر الأوامر والنواهي في منامه .
واستمر هذا الحلم يراود الفتى لوقت طويل في حياته ، في يقظته وفي نومه ، وكان سلوة يتسلى بها ويستريح بها أثناء جهده المضني وتعب العمل الشاق في الأسواق في حمل أثقال من البضائع على كتفه ، وكم كان يجول بنظره في أركان السوق ،طوال فترة عمله ،عساه يلتقي الشيخ الفقير الذي علمه ذات يوم أن يحلم ويتأمل ، لقد خبأ في جيوبه قطعا من نقود تكفي هذه المرة لأن تشتري لذلك الشيخ حبات عديدة من الرمان الأحمر اللذيذ ، لكن الشيخ لم يظهر له خبر .

كانت دهلي عاصمة مملكة الهند ، تزهو بقوتها بين ممالك الشرق الأقصى ، كان ملكها السلطان شمس الدين من أعظم سلاطين عصره حكمة وقوة .
في إحدى السنين أرسل السلطان شمس الدين وزيره إلى مدن الشرق الكثيرة ليبحث له عن مماليك (عبيد) ليشتريهم ويستند عليهم في كثير من أعمال المدينة الشاقة ،فبحث الوزير في كل رقعة ، وذهب إلى سمرقند ، وإلى ترمذ ،وإلى بخارى ، واشترى مائة عبد مملوك .
وتوجه الوزير بهم إلى دهلي عاصمة مملكة الهند ، نحو السلطان شمس الدين ، وكان غياث الدين ضمن أولئك المماليك الشبان الذين اشتراهم الوزير .
ولما دخل بهم الوزير إلى حضرة السلطان شمس الدين وعرضهم عليه ، أعجب بهم جميعا ، إلا واحدا منهم ، كان دميم الخلقة ، بشع الشكل ، هو ذاته غياث الدين المغبون .
فقال الملك :
ـــ لا أقبل هذا ..مشيرا إلى الشاب غياث الدين .
ورأى غياث الدين بأنه ظلم ، وحدثه عقله بأن يدافع عن نفسه بين يدي السلطان ، كيف لا وقد سمع بأن هذا السلطان لا يظلم عنده أحد .


فقال :
ــ يا مولاي السلطان ، لمن اشتريت هؤلاء المماليك ؟
فضحك منه السلطان ، وقال :
ــ اشتريتهم لنفسي .
فقال له غياث الدين :
ـــ اشترني أنا لله عز وجل .
فرد السلطان بعد إطراق :
ـــ نعم ..اشتريتك إذن .
وقبله في جملة المماليك .
ووزعت المهام والأعمال على المماليك ، بحسب الهيئة والمظهر ، واحتقر القائمون بذلك شأن غياث الدين ، فجعلوه في طبقة السقائين ، يسقون الناس ماء في السواق ..يحملون قربا ، ومواعين يروون ضمأ العطاشى .

وتمر الأيام والشهور ، والمملوك غياث الدين يقوم بعمله على أكمل وجه ، لقد تحسن وضعه تحسنا ملحوظا ، فمن حمّال بأسواق بخارى النائية ، يحمل بضائع الناس بأجر زهيد لا يسد رمق الجوع ، إلى مملوك يلبس أفخر الثياب وأبهجها ، وبعمل قار ومحترم ، تابع لفئة مماليك القصر التابعة مباشرة لسلطة السلطان شمس الدين شخصيا ..كانت طبقة السقائين إحدى الوظائف التي ترعاها الدولة وتخصص لها رجالاتها وتعتني بهم .

رسم فني لأحد السقائين يحمل أدواته
كان بلاط الملك يعج ويمتلئ بالوزراء ، والأعيان ، والحاشية ، والندماء ، ورسل الولايات ، وسفراء الدول ، وطبقات العلماء ، والفقهاء ، والأطباء ، وكان في بلاطه أيضا أهل التنجيم والكهانة .
ولقد ظهر في كهانة هؤلاء الكهان ، أن أحد المماليك سوف يأخذ الملك من بعد حكم السلطان شمس الدين ، ومن يد ابنه ناصر الدين .
كان ناصر الدين ابنا للسلطان شمس الدين ووليا للعهد من بعده .
فتوجه الكهنة والعرافون إلى السلطان وأعلموه بما يكون من بعده ، فقالوا :
لقد ظهر في علمنا أن أحد مماليكك ، سيأخذ الملك من ولي العهد ابنك ناصر الدين حفظه الله ، وسوف يستولي عليه .
ولا زالوا يرددون له ذلك ، وهو لا يلتفت إلى أقوالهم ، لأنه كان عادلا في رعيته ، مصلحا ، آمنا على مملكته، لا يخاف تقلب الدهر .
كانت إمبراطورية الهند المسلمة ذات رقعة واسعة ، خضعت لحكمها المناطق الممتدة من ماوراء دهلي جنوباً إلى لاهور شمالاً، ومن الكجرات غرباً، إلى البنغال شرقاً. وكانت المساجد والمدارس تقام حيث تصل جيوش هذه الامبراطورية ، فمم يخاف هذا السلطان العظيم ؟؟
لما فشل المنجمون والكهنة في إقناع السلطان شمس الدين بتكهناتهم ، توجهوا إلى زوجته السلطانة أم أولاده وابنة السلطان قطب الدين أيبك .
ولما كانت السلطانة تخاف على أبنائها أولياء العهد من الغدر والخيانة التي يخلو منها قصر ، فلقد ذكرت زوجها السلطان ، وألحت عليه للنظر في الأمر ولو من باب الحيطة ، إلى أن سمع منها هذه المرة ، وكيف لا يسمع منها وهي المرأة الحكيمة بنت السلطان الحكيم قطب الدين أيبك الذي عهد فيه الثقة التامة على نفسه ، وولاه مملكة الهند وعاصمتها دهلي ، وقلده سلطتها وحكمها وزوجه ابنته اعترافا له بنباهته .
في أحد الأيام جمع السلطان شمس الدين العرافين والمنجمين وسألهم :
ـــ هل ستعرفون هذا المملوك الذي يأخذ الملك من ابني إذا رايتموه ؟
فقالوا : ـــ نعم ، عندنا دلائل نعرفه بها .
فأصدر السلطان أمرا بعرض جميع مماليكه على المنجمين ، وجلس لذلك . فعرضوا بين يديه طبقة طبقة ، والمنجمون ينظرون إليهم واحدا واحدا ، ثم يقولون : ـــ لم نره بعد .
فمرت طبقة الطباخين ، ثم طبقة الكناسين ، وطبقة الكياسين . وما زالت الطبقات تتوالى ، والمنجمون لا يجدون ما يبحثون عنه .
وحان وقت الزوال ، فقال السقاؤون بعضهم لبعض :
ـــ إنا قد جعنا ، ونحن آخر من يعرض ، فلنجمع شيئا من الدراهم ، ونبعث أحدنا إلى السوق ، ليشتري لنا ما نأكله .
فجمعوا الدراهم ، وبحثوا عن أحد يرسلونه ، فاختاروا غياث الدين ليرسلوه ، إذ لم يكن فيهم أحقر وأبعد شبهة منه .
ذهب غياث الدين بطلباتهم ، لكنه لم يجد بالسوق ما أرادوه ، فتوجه إلى سوق أخرى ... وأبطأ لأن السوق كانت بعيدة .
وجاءت نوبة السقائين في العرض ، وغياث الدين لم يأت بعد . فأخذوا قربته وماعونه ، وجعلوهما على كتف شاب آخر ، وعرضوه على أنه غياث الدين .
فلما نودي اسمه ، جاز الشاب بين أيديهم ، وانقضى العرض .
ولم يجد المنجمون المملوك الذي ذكرته علومهم وكهانتهم .. فخابوا ، وخاب ظن الملك فيهم ، وطرد المنجمون والكهنة من القصر شر طرد .
وجاء غياث الدين بعد انتهاء العرض ، لما أراده الله من إنفاذ قضائه ، ولا مرد لقضاء الله ، إنه على كل شيء قدير ..
ثم إن غياث كرس كل همّه في إتقان عمله وتفانيه فيه ، وظهرت نجابته في عمله عند رؤسائه ، فجعلوه أميرا للسقائين ، ثم رقي إلى رتبة جندي من الأجناد ، ونجابته ترفعه شيئا فشيئا ، ومن طبقة إلى طبقة أعلى حتى صار ذي شأن بين أمثاله ، وصار أميرا .
فاستقرت حاله وتزوج من بنات الأمراء ، وأنجب منهن أولادا كثيرين .
وترعرع أبناء غياث الدين وبناته في كنف الرعاية والعناية ، يسدلها عليهم الأب الأمير غياث الدين ، وكانت بناته من أجمل الأميرات ، وأرفعهن خلقا وعلما .
أعجب الأمير ناصر الدين ، وولي عهد شمس السلطان شمس الدين بإحدى بنات الأمير غياث الدين ، فخطبها منه وتزوجها قبل ولاية الحكم ، فأصبح الأمير غياث الدين بذلك صهرا مقربا لولي العهد .
مرض الملك شمس الدين ، وتوفي بعد مرضه ، فتملك بعده الأمير ركن الدين ، ثم الأميرة رضية لمدة ثلاث سنين ، إلى أن تملك السلطان ناصر الدين 1246 ــ 1266، فجعل صهره الأمير غياث الدين نائبا عنه وأميرا وقائدا لجيوشه لما رأى فيه من ذكاء وفطنة وشجاعة .
سلك الأمير غياث الدين في عمله الجديد سلوكا سديدا ، فتداولت شهرته الناس ، خاصة لما نجح في صد غزوات المغول عن الهند ، فكان أن أحبه الناس وتعلقوا به .
وبعد عشرين سنة من حكم السلطان ناصر الدين ، وبعد وفاته اعتلى الأمير غياث الدين عرش مملكة الهند سلطانا عليها ، وساندته الرعية في حكمه لما رأت فيه من صلاح حاله ، وحزمه ، وحنكته ، وأصبح يدعى السلطان غياث ملك الهند وسلطان المملكة القوي ، يسوس رعيته بالعدل .
وضرب النقود باسمه ، وعاشت الهند في رخاء عظيم .

النقود التي ضربت في عهد السلطان غياث الدين باسمه

نقود فضية باسم السلطان غياث الدين
ذات يوم ، وحين كان الملك جالسا على كرسي عرشه ، مرت على خاطره صورة مرت سريعة ..فتذكر حاله عندما اشترى بما يملكه من نقود قليلة حبات من الرمان لذلك الشيخ الفقير ..حين فرح الشيخ بها وانطلقت أساريره وقال بملء فيه :
ــــ وهبنا لك ملك الهند .
وتذكر تلك الأحلام التي كانت تقض مضجعه ، حين كان يتخيل نفسه على عرش الهند ، ويثقل التاج على رأسه فلا يستطيع لرأسه حراكا .
كان السلطان يتبسم لتك الرؤى ، ولقد أدرك أن ما هو عليه الآن ، إن هو إلا قضاء الله وقدره النافذ في عباده ، يتصرف فيهم كيف يشاء ، لم يستطع المنجمون والكهنة رده ، ولا مرد لقضاء الله .
قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }[يس : 82] .
قرر الملك في قرارة نفسه أن يحكم بما يرضي الله ، فحكم عشرين سنة أخرى ، وأرسل أبناءه إلى الأقاليم ليحكموها ويتولوا أمرها ، بالسند وبأرض البنغال ، فسبحان مدبر الأمور .
وقد حكم غياث الدين الهند حكما مقرونا بالحزم، وفي نهاية حكمه مَرِضَ غياث الدين بلبن مرضًا شديدًا، وتوفي منه آخر سنة 685 هـ الموافق 1287، بعد أن أوصى بولاية العهد لحفيده كي خسرو ابن محمد .
قال فيه الرحالة الكبير ابن بطوطة :
""إنه بنى داراً وسماها دار الأمن فمن دخلها من أهل الديون قضى دينه، ومن دخلها خائفاً أمن، ومن دخلها وقد قتل أحداً أرضى عنه أولياء المقتول،ومن دخلها من ذوي الجنايات أرضى من يطلبه، وبتلك الدار دفن""




ذُكر عنه في كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر:
""وكان من خيار السلاطين عادلاً فاضلاً حليماً كريماً، بذل جهده في تعمير
البلاد وسد الثغور ورفع المظالم والإحسان إلى كافة الخلق، وكان في ذلك على
قدم السلطان شمس الدين الإيلتمش، وكان محباً لأهل العلم محسناً إليهم،
يتردد في كل أسبوع بعد صلاة الجمعة إلى بيوت الشيخ برهان الدين البلخي،
والشيخ سراج الدين السجزي، والشيخ نجم الدين الدمشقي فيحظى بصحبتهم،
ويتردد إلى مقابر الأولياء فيزورها، ويتردد إلى مجالس التذكير ويقعد بها كآحاد
من الناس، ويداوم على الصلاة بالجماعة والصيام فرضاً كان أو نافلة، ويداوم
على صلاة الإشراق والضحى والتهجد، وكان لا يداهن في العدل والقضاء
ولا يسامح أحداً ولو كان من ذوي قرابته""

31.12.201613:04:40
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sada-lioua.rigala.net
 
سيــــــــــرة غياث الدين سلطان الهند
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي  :: الفئة الأولى :: عن أعمالي الأدبية واللغوية :: عن أعمالي الأدبية القصصية-
انتقل الى: