منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي

موقع خاص يوثق الحركة الثقافية الفكرية الأدبية والإبداعية لمحرر المنتدى ، و تفاعله مع الزائرين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 30/12/2016

رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة Empty
مُساهمةموضوع: رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة   رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة Emptyالجمعة يناير 06, 2017 12:09 pm

[color=#0000FF][size=18]
flower

رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة

وصل الخبر عشية يوم الخميس بأن آلة الحصاد قد قصدت البلاد ، أخبرني بذلك الوالد ، فذكرت السنين العجاف حين بتّ ليلة ليلاء في أرض الفحّامة الفيحاء ، وذكرت الحصاد في تلك الوهاد ووجوهنا معفّرة وشعورنا مغبّرة ، ولا يغطي أجسادنا غير السواد .
فقرّ قرار والدي على رحلتي مع أحد إخوتي .
وفي الصبيحة من يوم الجمعة نهضت وتوضأت وصليت فرضي وسنتي ، وتناولت قهوتي في خفة وسرعة.
ونادى المنادي بقرب الميعاد ، فأخبرت أولادي وألحوا عليّ برفقتي إلى تلك البلاد .
وتعالى الصياح ، فهب ولدي صلاح منذ الصباح يريد الرواح ، أما ولدي أحمد فحلف يمينا أن لا يرقد ولا يقعد .
ولما حانت الساعة ، أخذنا المتاعا وامتطينا الركب العظيم مع أخينا الكريم .
وسارت بنا السيارة صوب مقصدنا سيرا حثيثا ، وكلن لهف وكلنا شغف .
واجتزنا القبلة ، والوادي المليح فلم نجد فيه سوى الريح ، ثم عبرنا منطقة القصور فلم نر أيا من هذه القصور ..واستقبلنا ذراع الرمل بسفوف الرمل ، لا بالحفل ولا بالطبل ، ثم جاوزنا مدينة المرموثة ووجدناها لا محصودة ولا محروثة ومنازلها في كل مكان مبثوثة .
ثم جاوزنا إلى رسم البوازيد ، غير بعيد فأدهشنا منظر مسجده الوحيد في تلك القفار والبيد ، وقد سموه جامع خالد بن الوليد .
ثم سلكنا طريقا طويلة تارة ملتوية وتارة مستطيلة إلى أن أطلت علينا قرية ديفل فعبرنا ها دون تمهل ، إلى أن صادفنا إشارة تقول إلى أولاد جلال الدخول فاستبشرنا بالخير وتمهلنا في السير .

ثم دخلنا محطة الوقود وعجبنا من أن أهلها قعود ، فتمهلنا إلى حين ، حتى تزودنا بالبنزين ، وسلخوا من جيوبنا عشرين .
وعبرنا بين نخيل طوال باسقات ، وعصافير الصباح مشرقات .

وهلت علينا بلدة أولاد جلال بكل هيبة وجلال ، وراعني في مدخلها منظر منارتين جميلتين مجتمعتين ، منارة تنير الطرقات في الليالي الظلماء على عمود كهرباء
ومنارة تنير القلوب الحائرة التائهة ، منارة المسجد السمحاء ، فكان المنظر معبرا عن ذاته موحيا تمام الإيحاء .

ثم اجتزنا وسط المدينة وأعجبتنا بناءاتها المتينة الأصيلة ، وطرقاتها الحصينة الطويلة ، وجنانها الخضراء الجميلة .

وتوجهنا جنوبا حيث طريق يؤدي إلى ضفاف وادي جدي وقنطرته الجليلة ..والرزينة ، ومررنا بشوارع تعمها السكينة ، لا أثر للناس فيها وكأنها حزينة ، ثم مررنا بقرب الرحبة العتيقة ، واستمتعنا بمنظر منارة مسجدها العريقة .

واجتزنا قنطرة الوادي الدفين ، وعبرنا المقبرة التي يشقها الطريق نصفين ، وسلمنا على واليها وواديها أمانة نؤديها .

ثم ودعنا أولاد جلال وحدودها ، وأحفادها وجدودها وأنهارها وسدودها ، واستقبلتنا حدود أولاد حركات الأبية ، مع بزوغ أشعة الصباح الذهبية .
وسرنا على طريق ممهدة وطويلة ، معبدة وجميلة مسافة عشرين كيلومترا افرنجيا ، ووصلنا قرية الجدر بتباشير الصباح ، وتغريد العصافير الملاح .
وعلى جانب الطريق الطويل شاهدنا مسجدها الجميل ، ثم توغلنا عبر سكناتها المتناثرة وسلكنا شعبة غريبة ومريبة ، من الجهة الغربية لا ممهدة ولا مستوية ، وعلى جانبيها تحيينا أشجارها الشوكية ، فتحققنا العطب ، وزار قلوبنا الرهب ، وحدثتنا نفوسنا بحدوث الكرب ولزوم الهرب ، وزاد من ذلك كثرة الحفر ، فندمنا أي ندم على هذا السفر فأين أين المفر . لكن أطلت علينا عن كثب حقول سنابل الذهب ، تنتظر الحصاد ..فتنفسنا الصعداء وتوقفنا هنيهة نلتقط أنفاسنا ، ونلتقط أيضا بعض الصور لبعض الشجر ، وتلك الحفر ، ثم استأنفنا السفر مع اشتداد الحر ..وتحسسنا أرضنا فتعرفنا عليها والحمد لله على ذلك .
ونزلنا ..وغير بعيد عنا ظهرت قرية الدندوقي مع اكتمال ضوء الشروق .
وتأملنا الزرع وحالته فوجدناه قد لوى أعناقه ودقت ورقت ساقه ، وكأنه حزين على البعاد ، وطول زمان الحصاد .
واستقصينا يمينا وشمالا عسى نجد أثرا للآلة ، فلم نجد إلا أنفسنا وصرير الدبابير ، وتغريد العصافير ، وطائري الهدهد والبوم في هذه التخوم .
ووقف أخي غير بعيد يبحث عن حقل المحمول في وسط حقل المحصول يريد الاتصال بالوالد ، ويخبره عن عدم وجود الحصّادة ولا الحاصد .
وانطلق أولادي يجرون وينطون نطات لطيفة مثل نط القطات الظريفة ، وسط تلك السنابل الخفيفة ..ووقفت أتأمل المنظر المهيب وذلك السكون والجمال الرهيب ، وصوت العندليب وتغريده العجيب .

وأسرعت أصور أشجار النبق الخضراء ومختلف الشجيرات بأزهارها الفيحاء ، ثم صوّرت ابني الأكبر بلباسه الرياضي الأخضر فكان أحسن منظر ، وصوّرت ابني الأصغر أمام لون السنابل الأصفر فكان أبهج منظر .وتعجبت من رؤية أثر الحياة في بعض الحشرات كالحلزون الأبيض والخنفساء الخضراء ، فلم أفوت فرصة التصوير

والتقطت مناظر جانبية لكثير من الأشجار والشجيرات البهية ، وأعجبت بمنظر الأزهار الشوكية وألوانها البهيجة الجلية ، وصورت سنابل الفرينة بحباتها المليئة الحزينة .

وعثرت على صمغ عطري على فروع أحد الأشجار ، فتأثرت وصورته وقلت لو كان معنا الطبيب العربي ابن البيطار لأفرد في كتابه (جامع الأدوية) شيئا من هذه الآثار .

ثم يممت صوب أرض خالية رملية ، تتوزع بها حجارة بيضاء مستطيلة ، وبعد تمعن وتفحص لمدة طويلة ، جزمت وتأكدت أن هذه ليست بحجر وإنما هي مستحاثات ومتحجرات لجذوع الشجر .
كانت نابتة في هذا المكان ، أو هي متحجرات لعظاءات وزواحف كانت تصول وتجول في قديم الزمان .
ويدل شكلها على فقرات عظمية أو جذوع أشجار ، فصورت تلك الآثار ..حيث تكلست من آلاف بل ملايين السنين الغابرة وبقيت هناك متناثرة ، والله أعلم في ذلك ، وأدرى بتلك الظاهرة .

إلى أن دقت الساعة العاشرة ، فنادى المنادي بالرحيل ، مادام الجو عليل ، لأجل الوصول قبل صلاة الجمعة والنزول ، فكان أن امتطينا سيارة الشفرولي ، وودعنا عالم هذه الحقول .
ونفوسنا منشرحة مستريحة جراء هذه الفسحة المريحة ، في أرض الله الفسيحة ،
ولسان حالنا يقول كما قال الشاعر :
ــ يا ناق سيري عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sada-lioua.rigala.net
 
رحلة العلاّمة الفهّامة إلى بلاد الدّندوقي والفحّامة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صدى ليوة للإبداع الأدبي والفكري والثقافي  :: الفئة الأولى :: عن أعمالي الأدبية واللغوية :: عن مقالاتي الأدبية-
انتقل الى: